.(لَهُ الْعُلُوُّ وَالْفَوْقِيَّة بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ):
(كَذَا) ثَابِتٌ (لَهُ الْعُلُوُّ وَالْفَوْقِيَّهْ) بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (عَلَى عِبَادِهِ) فَوْقَهُمْ مُسْتَوِيًا عَلَى عَرْشِهِ عَالِيًا عَلَى خَلْقِهِ بَائِنًا مِنْهُمْ، يَعْلَمُ أَعْمَالَهُمْ وَيَسْمَعُ أَقْوَالَهُمْ وَيَرَى حَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتِهِمْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ، وَالْأَدِلَّةُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ تُسْتَقْصَى، وَالْفِطَرُ السَّلِيمَةُ وَالْقُلُوبُ الْمُسْتَقِيمَةُ مَجْبُولَةٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ لَا تُنْكِرُهُ. وَلْنُشِرْ إِلَى بَعْضِ ذَلِكَ إِشَارَةً تَدُلُّ عَلَى مَا وَرَاءَهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.فَمِنْ ذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ الْحُسْنَى الدَّالَّةُ عَلَى ثُبُوتِ جَمِيعِ مَعَانِي الْعُلُوِّ لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَاسْمِهِ الْأَعْلَى وَاسْمِهِ الْعَلِيِّ وَاسْمِهِ الْمُتَعَالِي وَاسْمِهِ الظَّاهِرِ وَاسْمِهِ الْقَاهِرِ وَغَيْرِهَا.قَالَ تَعَالَى:
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الْأَعْلَى: 1]، وَلَمَّا نَزَلَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ»، وَقَالَ تَعَالَى:
{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [الْبَقَرَةِ: 254]، وَقَالَ تَعَالَى:
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النِّسَاءِ: 34]، وَقَالَ تَعَالَى:
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الْحَجِّ: 62]، وَقَالَ تَعَالَى:
{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سَبَأٍ: 23]، وَقَالَ تَعَالَى:
{إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشُّورَى: 51]، وَقَالَ تَعَالَى:
{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرَّعْدِ: 9]، وَقَالَ تَعَالَى:
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الْحَدِيدِ: 3]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَائِهِ:
«وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ».وَقَالَ تَعَالَى:
{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الْأَنْعَامِ: 18]، وَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ تَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ جَمِيعِ مَعَانِي الْعُلُوِّ لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَاتًا وَقَهْرًا وَشَأْنًا.
.(اسْتِوَاؤه عَلَى عَرْشِهِ):
وَمِنْ ذَلِكَ التَّصْرِيحُ بِالِاسْتِوَاءِ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ:
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الْأَعْرَافِ: 54]، وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ يُونُسَ:
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} [يُونُسَ: 3]، وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الرَّعْدِ:
{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الرَّعْدِ: 2]، وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ طه:
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ:
{الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الْفُرْقَانِ: 59]، وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ:
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} [السَّجْدَةِ: 4-5]، الْآيَةَ.وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ:
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الْحَدِيدِ: 4].وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي فَضْلِ الْجُمُعَةِ وَتَسْمِيَتِهِ فِي الْآخِرَةِ يَوْمَ الْمَزِيدِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِي آخِرِهِ قَالَ:
«وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي اسْتَوَى فِيهِ رَبُّكَ عَلَى الْعَرْشِ» وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدْ جَمَعَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ طُرُقَهُ فِي جُزْءٍ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِطُولِهِ وَأَلْفَاظِهِ فِي إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.وَعَنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِذَا جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَلَائِقَ حَاسَبَهُمْ فَيُمَيِّزُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَهُوَ تَعَالَى فِي جَنَّتِهِ عَلَى عَرْشِهِ».قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَافِظُ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.وَعَنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ»، رَوَاهُ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ عَنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا، قَالُوا: ثُمَّ مَاذَا يَا مُحَمَّدُ، قَالَ:
«ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ»، قَالُوا: أَصَبْتَ يَا مُحَمَّدُ، لَوْ أَتْمَمْتَ ثُمَّ اسْتَرَاحَ، فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38]، رَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَفِي إِسْنَادِهِ الْبَقَّالُ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ.قَالَ:
«كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ فَاسْتَوَى عليه» رواه أبوداود وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ لَكِنَّ لَفْظَهُ
«وَخَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ» قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: الْعَمَاءُ أَيْ: لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} قَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَلَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا قَبْلَ الْمَاءِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ أَخْرَجَ مِنَ الْمَاءِ دُخَانًا فَارْتَفَعَ فَوْقَ الْمَاءِ فَسَمَا عَلَيْهِ فَسَمَّاهُ سَمَاءً ثُمَّ أَيْبَسَ الْمَاءَ فَجَعَلَهُ أَرْضًا ثُمَّ فَتَقَهَا فَجَعَلَهَا سَبْعَ أَرَضِينَ» الْحَدِيثَ. إِلَى أَنْ قَالَ:
«فَلَمَّا فَرَغَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِ مَا أَحَبَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ» رَوَاهُ السُّدِّيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ فَقَالَ:
«يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَوْمَ السَّابِعِ» الْحَدِيثُ بِطُولِهِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ السَّجْدَةِ مِنْ سُنَنِهِ الْكُبْرَى. وَفِيهِ أَخْضَرُ بْنُ عَجْلَانَ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلَيَّنَهُ الْأَزْدِيُّ، وَحَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ غَرِيبٌ مِنْ أَفْرَادِهِ.
.(تصْرِيحُ القرآن بِالْفَوْقِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى):
وَمِنْ ذَلِكَ التَّصْرِيحُ بِالْفَوْقِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الْأَنْعَامِ: 18]، وَقَالَ:
{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النَّحْلِ: 50]، وَلَمَّا حَكَمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِأَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذُرِّيَّتُهُمْ وَتُغْنَمَ أَمْوَالُهُمْ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ» وَفِي لَفْظٍ
«مِنْ فوق سبع سموات». وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهَذَا سِيَاقُ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَتْ زَيْنَبُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَفْتَخِرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ مِنْ فوق سبع سموات. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَهِدَتِ الْأَنْفُسُ وَضَاعَتِ الْعِيَالُ وَنُهِكَتِ الْأَمْوَالُ وَهَلَكَتِ الْأَنْعَامُ فَاسْتَسْقِ اللَّهَ لَنَا فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللَّهِ وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«وَيْحَكَ أَتُدْرِي مَا تَقُولُ» وَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ، فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عَرَفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ. ثُمَّ قَالَ:
«وَيْحَكَ إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا اللَّهُ؟ إِنَّ عرشه على سمواته لَهَكَذَا» وَقَالَ بِأُصْبُعِهِ مِثْلُ الْقُبَّةِ عَلَيْهِ
«وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ» قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ فِي حَدِيثِهِ:
«إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ وعرشه فوق سمواته» وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَلَهُ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ فِي الْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّتْ بِهِمْ سَحَابَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ:
«مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ» قَالُوا: السَّحَابُ، قَالَ:
«وَالْمُزْنُ» قَالُوا: وَالْمُزْنُ، قَالَ:
«وَالْعَنَانُ» قَالُوا: وَالْعَنَانُ.-قَالَ: أَبُو دَاوُدَ وَلَمْ أُتْقِنِ الْعَنَانَ جَيِّدًا- قَالَ:
«هَلْ تَدْرُونَ مَا بُعْدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟» قَالُوا: لَا نَدْرِي.قَالَ:
«إِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، ثُمَّ السَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ-حَتَّى عد سبع سموات- ثُمَّ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوَعَالٍ بَيْنَ أَظْلَافِهِمْ وَرُكَبِهِمْ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِمُ الْعَرْشُ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ثُمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ» زَادَ أَحْمَدُ
«وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ».وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«بَيْنَمَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ، فَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ فَإِذَا الرَّبُّ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، قَالَ: وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} قَالَ: فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّعِيمِ مَا دَامُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يَحْتَجِبَ عَنْهُمْ وَيَبْقَى نُورُهُ وَبِرْكَتُهُ عَلَيْهِمْ فِي دِيَارِهِمْ» وَفِي إِسْنَادِهِ الرَّقَاشِيُّ ضَعِيفٌ، وَمَعْنَاهُ ثَابِتٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«فَأَدْخُلُ عَلَى رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ
«فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ» قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ: هَكَذَا قَالَ: (فِي دَارِهِ) فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ يُرِيدُ مَوَاضِعَ الشَّفَاعَاتِ الثَّلَاثَ الَّتِي يَسْجُدُ فِيهَا ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ.وَعَنِ عُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ حَدَّثَنِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ:
«وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَارْتِفَاعِي فَوْقَ عَرْشِي مَا مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ وَلَا بَيْتٍ وَلَا رَجُلٍ بِبَادِيَةٍ كَانُوا عَلَى مَا كَرَهْتُ مِنْ مَعْصِيَتِي فَتَحَوَّلُوا عَنْهَا إِلَى مَا أَحْبَبْتُ مِنْ طَاعَتِي إِلَّا تَحَوَّلْتُ لَهُمْ عَمَّا يَكْرَهُونَ مِنْ عَذَابِي إِلَى مَا يُحِبُّونَ مِنْ رَحْمَتِي» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي كِتَابِ الْعَرْشِ وَالْعَسَّالُ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَضَعَّفَهُ الذَّهَبِيُّ.وَعَنِ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَبِسَ بُرْدَيْنِ فَتَبَخْتَرَ، فَنَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ فَمَقَتَهُ، فَأَمَرَ الْأَرْضَ فَأَخَذَتْهُ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا» رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ. وَلَهُ شَاهِدٌ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ:
«كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعَرْشِ وَكَانَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَكَتَبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ» حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ.وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَهُمُّ بِالْأَمْرِ مِنَ التِّجَارَةِ أَوِ الْإِمَارَةِ حَتَّى يَيْسِرَ لَهُ نَظَرَ اللَّهُ لَهُ مِنْ فوق سبع سموات فَيَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ اصْرِفُوهُ عَنْهُ فَإِنْ يَسَّرْتُهُ لَهُ أَدْخَلْتُهُ النَّارَ) رَوَاهُ الْبَغَوِيُّ وَسَكَتَ الذَّهَبِيُّ عَنْهُ.وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (الْعَرْشُ فَوْقَ الْمَاءِ وَاللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ) قَالَ الذَّهَبِيُّ: رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي السُّنَّةِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو أَحْمَدَ الْعَسَّالُ وَأَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخُ وَأَبُو الْقَاسِمُ اللَّالَكَائِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو الطَّلَمَنْكِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ وَأَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي تَوَالِيفِهِمْ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْشَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
شَهِدْتُ بِإِذْنِ اللَّهِ أَنَّ مُحَمَّدًا ** رَسُولُ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ مِنْ عَلُوَأَنَّ أَخَا الْأَحْقَافِ إِذْ قَامَ فِيهِمُو ** يَقُولُ بِذَاتِ اللَّهِ فِيهِمْ وَيَعْدِلُوَأَنَّ أَبَا يَحْيَى وَيَحْيَى كِلَاهُمَا ** لَهُ عَمَلٌ مِنْ رَبِّهِ مُتَقَبَّلُ